الوطن - وارسان شاير


(ترجمة: أسماء حسين)


لا أحد يغادر وطنه،
إلا إذا صار الوطن فك قرش قاتل
تركض إلى الحدود، فقط
حين ترى المدينة بأكملها تفعل كذلك.
حين يركض جيرانك أسرع منك
وأنفاسهم تدمي حلوقهم
والصبي الذي رافقك بالدراسة
وقبلك بشغف خلف مصنع الصفائح القديم
يحمل بندقية أكبر من جسده

تغادر وطنك فقط
حين لا يسمح ببقاءك.
لا أحد يغادر الوطن، إلا حينما يطارده
يصبح نارًا تحت قدميه
دم ساخن في حشاه
ذلك أمر لم تكن لتتخيل قط قيامك به
حتى يحرق تهديد النصل عنقك
وحتى حينذاك
كنت تدس النشيد الوطني
تحت أنفاسك.
وبينما تمزق جواز سفرك في مراحيض المطار
تنتحب مع كل لقمة من الورق
معلنا بوضوح أنك لن تعود مطلقًا إلى الوراء.
عليك ان تفهم،
لا أحد يضع أطفاله في قارب
ما لم يكن الماء أكثر أماناً من اليابسة
لا أحد يبسط كفيه
تحت القطارات
وبين العربات
لا أحد يمضي أياماً وليالي في بطن شاحنة
يقتات على الصحف
ما لم تعني الأميال التي يقطعها
شيئا أكثر من مجرد رحلة.

لا أحد يزحف تحت الأسوار
لا أحد يريد أن ينتهك الحدود
أو يحصد الشفقة
لا أحد يختار مخيمات اللاجئين
أو فجاجة التفتيش الذاتي
حيث يتألم الجسد
أو السجن
إلا لأن السجن أكثر أمنا
من مدينة تحترق.
أو لأن حارساً متجولا في ليله
أفضل من شاحنة
تعج برجال يشبهون والدك
لا أحد يتحمل ذلك.
لا أحد يطيقه في جوفه
ليس هناك من يملك جلدًا خشنًا كفاية للصمود

كل تلك الشتائم:
عودوا إلى بلادكم أيها السود
أيها اللاجئون
أيها المهاجرون القذرون
الباحثون عن مأوى
يا من تمتصون خيرات بلادنا حتى جفافها
أيها الزنوج المتسولون
بروائح غريبة
وحشية
يا من خربتم بلادكم والآن
جئتم لتخريب بلادنا.

كيف لتلك الكلمات
والنظرات المحتقرة
أن تنزلق وطأتها عن ظهرك
ربما لأن ضربتها أخف وطأة
من أطرافك المبتورة عنك
أو أنها تظل أرق
من أربعة عشر رجلا ينتهكون ما بين ساقيك
أو لأن ابتلاع الكلمات أيسر
من ابتلاع الأنقاض والعظام
أو تناثر جسد طفلك في أشلاء.

أريد العودة للوطن
لكن الوطن صار فم قرش شره
صار فوهة بندقية.

ولا أحد يفرّ من وطنه
ما لم يطارده الوطن حتى يزحف إلى الشاطئ
ما لم يحثه الوطن على الركض
تاركًا ثيابه خلفه
زاحفا عبر الصحراء
شاقا المحيطات
ليغرق
وينجو
ويصير الجوع
ويتوسل
وينسى الكبرياء
لأن النجاة أكثر ضرورة وأهمية

لا أحد يغادر وطنه
ما لم يغدو الوطن صوتًا مبللًا بالعرق
يردد في أذنك:
غادر
اهرب بعيدًا عني الآن.
لا أعلم ما أصبحت عليه
لكني أعلم أن أي مكان آخر
هو أكثر أمانًا مني الآن.



*